الخميس، 3 نوفمبر 2011




 في يوم من الأيام تعرفت عليه
لم يكن لي أصدقاء..لم يكن لي أحباء
وحده من وجدني..ووجدته
لا أنكر أنه في بداية الأمر لون لي حياتي بأكملها
بل جعل لكل ثانية فيها..معنى
ولما علم كبريائي بالأمر..غضب..ثار
لكنني وبرغم معزته الشديدة..طردته..من حياتي
حزنت..كيف فعلت؟!!
ولكن سرعان ما نسيت..مع أول طرقة باب منه
فتحت الباب...
وابتسامتي إليه تسبقني..ولكنني لم أجده
وجدت رجلا يقول أنه من المحكمة..وسلمني استدعاءً
ذهب الرجل..وأغلقت خلفه الباب بعجلة..لأعرف ما تحويه هذه الورقة...
ومابين رجفة في الأطراف وخفقان سريع في القلب
فتحت الورقة..
وإذا به ذلك الذي تعرفت عليه ... محكوم عليه بالإعدام
ماذا؟!!..كيف؟!!..ماذا فعل؟!!
ألهذا السبب اختفى فجأة..ألهذا السبب غاب عني هذه المدة
ولكن..كيف سأنتظر كل هذا الوقت إلى أن يحين موعد المحاكمة...
يا إلهي..لم دخل إلى حياتي إن كان سيخرج منها !!!
ومع صراع دامي بيني وبين الوقت..استطعت في النهاية
أن أنتصر عليه...
فتحت خزانتي..لبست ما وجدته أمامي من الثياب
لم أتأنق فيها كعادتي..حتى أنني لا أعرف ماذا لبست ...
خرجت وضربت الباب خلفي..لم يقفل جيداً..لم أحفل به
فليس في عمري الآن لحظات زائدة لأعود فيها لإغلاق بابي...
مشيت متثاقلة..خائفة فأنا أعرف أن هذه المحكمة "ملعونة"
فالمظلوم فيها لا ينتصر..والظالم فيها بريء...
دخلت المحكمة..توجهت إلى قاعة الاستدعاء ..لأجده أمامي
داخل قفص الاتهام...
الغريب أنه لم يظهر عليه معالم السجن..أو أنه سيعدم الآن
خنقت عبراتي هذه الكلمات..ربما لأنها لا تريدني حتى أن أقولها...
بدأت المرافعة..دخل القاضي..رجل رزين ذو شعر أبيض يظهر عليه الوقار..إذن هذا هو من ينادونه"قاضي الحياة"
وفجأة...
طلب القاضي من رجل أتى فجأة ويريد أن يشهد ضد رفيقي
بأن يعرف عن نفسه...
فقال الرجل وبكل غرور"القدر"ومن لا يعرفني؟ّ!!!

وبابتسامة ماكرة من القاضي , طلب إليه أن يتحدث بكل ما يجول في خاطره...
 قال:"إن المتهم الماثل أمام عدالتكم يدخل إلى قلوب الناس عنوة ويسرقها من غير إرادتهم , بل طال به الأمر يا سيدي أن يسرق أرواح الناس وأعمارهم , وهو متهم أيضا بتعذيب من أسميهم فئة العاشقين المغلوبون على أمرهم , وقد رصد في يوم كذا يرتب لهم رحلة إلى الجنة , وهو لم يأخذهم إلا إلى النار, لذا أطلب من عدالتكم إنزال أقصى عقوبة على المتهم...وشكرا"

شكر"قاضي الحياة" "القدر"...وطلب من المتهم أن يتكلم ويدافع عن نفسه بعد أن يعرف عن اسمه..فقال - وبصوت هادئ ودافئ - :"أنا يا سيدي أدعى "الحب" لم أسرق يوما ولم أعذب أحدا , فأنا عملي هو إسعاد العاشقين ولكـــــ....."
صمت فجأة بعد نظرة مرعبة نظر إليه بها "القدر" وكأنه لا يريده أن يبوح للحاضرين باعتراف سري...
نظر إلي "الحب" فتنهدت من نظرته تنهيدة التفت إليها من حولي وكأنه أدخل مع هذه التنهيدة ملفات براءته ....
وقبل أن ينهي "قاضي الحياة" هذه القضية - لصمت المتهم وعدم قدرته على الدفاع عن نفسه - نهضت من مكاني وقلت بصوت مسموع :"انتظر يا سيدي القاضي .. فانا سأدافع عن المتهم"...
ولما سألني عن هويتي..نظرت إلى القدر..وقلت:"إحدى العاشقين - المغلوبين على أمرهم - "

فقال"قاضي الحياة" - بقلق ظاهر- :"تحدثي"
فقلت:"يا سيدي لم يكن"الحب"يوما سبب عذابنا .. وهولا يسرق منا بل إنه يعطينا..يعطينا عمرا وروحا ..يعطينا لحظات لا نعرف لولاها ما كنا سنفعل.. لا أنكر أنه لم يبكينا ولكن أتعرف يا سيدي لماذا بكينا ؟! بكينا لأنه لم يقابلنا منذ ولدنا .. هو يا سيدي من جعلنا نبقى على أرضك ولا نهجرها إلى أخرى "
فأطرق "قاضي الحياة"برأسه وقال:"هل لدى "العاشق"من كلمة أخرى"
وقبل أن أجيب...قاطعني"القدر"قائلا:"إذا بم تفسر أيها "العاشق" الجريمة المنسوبة إلى"الحب" بدخوله إلى بعض القلوب وخروجه منها فجأة فبعد أن يزرعها وردا يتركها لهم ليحصدوها شوكا"
فقلت له:"أبصدق تتهم "الحب" بما يجب أن تكون أنت به متهم..فهذه الأسئلة عليك أنت أن تجيب عليها فلا أحد يعلم إجاباتها إلا أنت..لذا يا سيدي باسمي أنا "العاشق" اتهم "القدر" بالإدعاء الباطل وتشويه صورة "الحب" وتوجيه التهم المنسوبة إلى"الحب" إليه شخصيا"
ساد صمت غريب في أرجاء قاعة المحكمة....وبات كل من فيها بما فيهم "قاضي الحياة" يظهر على وجهه القلق..
فصرخت بهم:"ما بكم لم لا تضعونه في قفص الاتهام .. فهو السبب في كل ما يجري على هذه الأرض .. هو من يدخل "الحب" إلى قلوبنا وبعد أن نعتاده ويعتادنا.. يجبره على البعد..هو المتهم ..هم المتهم"
وبنبرة خافتة طلب "قاضي الحياة" من أحد الجنود أن يضع "القدر" في قفص الاتهام ...
وما أن وصل الجندي إليه حتى أعطاه " القدر" ورقة ..وقال له:"أعطها إلى قاضيك"
لم تغيرت لهجة"القدر" وكأنه لا يكترث .. ولكن ليس هو فقط فقد تغيرت ملامح "قاضي الحياة" وكأنه يعلم ما تحويه هذه الورقة ...
وصلت الورقة إلى"قاضي الحياة" وبعد نظرة خاطفة ..صدر الحكم..
فقال:"وبعد الإطلاع على الأدلة وأقوال الشهود .. حكمت المحكمة حضوريا على المتهم "الحب" بالإعدام شنقا حتى الموت....... رفعت الجلسة"
ماذا؟!!...وقبل أن أصرخ أمسك بيدي أحد "العاشقين" وقال لي:"اهدئي يا سيدتي فقد كانت لي نفس القضية .. وإن كنت تتساءلي عن تلك الورقة .. فهي حصانة "القدر" الدنيوية على أرض سيدنا "قاضي الحياة" .. وأما "الحب" فلا تقلقي عليه فهنا سيعدم .. وسيولد هناك في مكان ما من جديد .. ولكن لم يعرفوا أن "الحب" أعطانا نحن "العاشقين" ورقة أقوى وهي " الأمل " بأنه سيعود من جديد.. فلا تحزني .. فإن كان "القدر" انتصر علينا "بورقة حصانته"...
فـ "الحب" سيبقى بداخلنا لننتصر عليه "بورقة أملنا "...

رفعت الجلســــــــــــــــة...